محتويات
الصّلاة
لقد منّ الله على المسلمين بمنن ونِعَم جزيلة، وأكرمهم بعبادةٍ يوميّةٍ عظيمةٍ تتمثّل بالصّلوات الخمس المفروضة التي تُؤهّل المسلم ليقف بين يدي ربّه تبارك وتعالى؛ فيُناجيه ويتقرّب منه خمس مرّاتٍ في اليوم، وجعل هذه الصّلوات الخمس في اليوم واللّيلة هي الحد الفاصل بين الإسلام والكفر، فقد قال الحبيب المُصطفى - عليه الصّلاة والسّلام -: (العهد الذي بيننا وبينهم الصّلاة، فمن تركها فقد كفر).[١] ولعلّ من عظيم نعم الله على المسلمين أن جعل لهم أبواباً للتزوّد بالخير والطّاعات، وهي بمثابة مَحطّات منها موسميّة سنويّة، مثل رمضان والعشرة من ذي الحجة، ومنها مَحطّات خير عميم يوميّة تُتيح للعباد مجالاً لتجديد العهد مع الله سبحانه وتعالى بالنّوافل والسُّنن يوميّاً. ولعلّ من أعظم مجالات وأبواب الخير اليوميّة في الإسلام صلاة الضُّحى، وفي هذا المقال تفصيل عن صلاة الضّحى وفضلها، وحكمها، وعدد ركعاتها، ووقتها.
ثواب صلاة الضّحى
حكم صلاة الضّحى
صلاة الضّحى مُستحبّة،[٥] لما في صحيح مسلم عن أمّ المُؤمنين عائشة - رضي الله عنها -: (أنّه - عليه الصّلاة والسّلام - كان يُصلّي الضّحى أربع ركعات ويزيد ما شاء).[٦] يقول النفراويّ المالكيّ: (وصلاة الضّحى بالقصر نافلةٌ متأكّدة).[٧]
عدد ركعات صلاة الضّحى
يُشرّع للمسلم أن يُصلّي صلاة الضّحى ركعتين، أو أربع، أو ستّ، أو ثمان، أو اثني عشرة ركعة، ويُصلّيها ركعتين ركعتين إن شاء. والدّليل على أنّ صلاة الضّحى تُصلّى ركعتين ما رواه أبو ذر الغفاريّ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-: (يُصبح على كلّ سُلامى من أحدكم صدقة؛ فكلّ تسبيحة صدقة، وكلّ تحميدة صدقة، وكلّ تهليلة صدقة، وكلّ تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المُنكر صدقة، ويُجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضّحى).[٨]
أمّا الدّليل على أنّ صلاة الضّحى تُصلّى أربع ركعات فيدلّ عليه حديث أبي الدّرداء وأبي ذر الغفاريّ عن رسول الله- عليه الصّلاة والسّلام-، عن الله عزّ وجلّ أنّه قال: (ابن آدم، اركع لي من أول النّهار أربع ركعات أكفِك آخره).[٩]
وأمّا الدّليل أنّ صلاة الضّحى تُصلّى ستّ ركعات فيدلّ عليه حديث أنس بن مالك: (أنّ النبيّ - عليه الصّلاة والسّلام - كان يُصلّي الضّحى ستّ ركعات).[١٠]
أمّا أنّها تُصلّى ثمانِ ركعات فيدلّ عليه حديث أم هانِئ -رضي الله عنها- قالت: (لما كان عام الفتح، أتت رسول الله عليه الصّلاة والسّلام وهو بأعلى مكّة، قام رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام - إلى غسله، فسترت عليه فاطمة، ثم أخذ ثوبه، فالتحف به، ثم صلّى ثمان ركعات سبحة الضّحى).[١١]
وأما الدّليل على أنّ صلاة الضّحى تُصلّى اثنتي عشرة ركعة فيدل عليه حديث أبي الدّرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- : (من صلّى الضّحى ركعتين لم يُكتب من الغافلين، ومن صلّى أربعاً كُتِب من العابدين، ومن صلّى ستاً كُفِيَ ذلك اليوم، ومن صلّى ثمانياً كتبه الله من القانتين، ومن صلّى اثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتاً في الجنّة، وما من يوم ولا ليلة إلا لله من يمنَّ به على عباده صدقة، وما مَنّ الله على أحد من عباده أفضل من أن يُلهمه ذكره).[١٢]
وعلى هذه الأحاديث يحمل إطلاق السّيدة عائشة رضي الله عنها لما سألتها معاذة: (كم كان رسول الله عليه الصّلاة والسّلام يُصلّي صلاة الضّحى؟ قالت: أربع ركعات ويزيد ما شاء الله).[١٣] (1)
وممّا يدّل كذلك على أنّ صلاة الضّحى تُصلّى ركعتين ركعتين عموم قوله -عليه الصّلاة والسّلام-: (صلاة اللّيل والنّهار مَثنى مَثنى).[١٤]
وللمسلم أن يُصلّي رّكعات صلاة الضحى الأربعة مُتّصلةً كالصّلاة الرُباعيّة، ويدلّ عليه إطلاق لفظ الأحاديث الواردة في ذلك كقوله -عليه الصّلاة والسّلام- في الحديث القُدسيّ: (اركع لي من أول النهار أربع ركعات)،[٣] وقوله عليه الصّلاة والسّلام : (من صلّى أربعاً كُتِب من العابدين).[١٢]
وقت صلاة الضّحى
وقت صلاة الضّحى يبدأ من طلوع الشّمس إلى الزّوال، وأفضله وقت اشتداد الشّمس.[١٥] وقد ثبت تسمية هذه الصّلاة في أول الوقت من صلاة الضّحى عند طلوع الشمس بصلاة الإشراق. عن ابن عباس عن عبد الله بن الحارث بن نوفل : (أن ابن عباس كان لا يُصلّي الضّحى، قال: فأدخلته على أم هانئ فقلت: أخبري هذا بما أخبرتني به. فقالت أم هانئ: دخل عليّ رسول الله عليه الصّلاة والسّلام يوم الفتح في بيتي، فأمر بماء، فصبّ في قصعة، ثم أمر بثوب، فأخذ بيني وبينه فاغتسل، ثم رشّ ناحية البيت، فصلّى ثمان ركعات وذلك من الضحى؛ قيامهنّ وركوعهنّ وسجودهنّ وجلوسهنّ سواء، قريب بعضهنّ من بعض. فخرج ابن عباس وهو يقول: لقد قرأت ما بين اللّوحين ما عرفت صلاة الضّحى إلا الآن: (يُسبّحن بالعشيّ والإشراق)، وكنت أقول: أين صلاة الإشراق؟ ثم قال بعد: هنّ صلاة الإشراق).[١٦]
وفي فضل صلاة الضّحى في أول وقتها - وهي صلاة الإشراق - جاء عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام -: (من صلّى صلاة الصّبح في مسجد جماعة يثبت فيه حتّى يُصلّي سبحة الضّحى، كان كأجر حاجّ أو مُعتمِر تامّاً حجّته وعمرته).[١٧]
ووقت الفضيلة لصلاة الضّحى حينما ترمض الفصال، والرّمضاء هو الرّمل الذي اشتدّت حرارته في الشّمس، أي: حين يجد الفصيل حرّ الشّمس، والفصيل: الصّغار من أولاد الإبل، (جاء عن زيد بن أرقم أنّه رأى قوماً يُصلّون من الضّحى، فقال: أما لقد علموا أنّ الصّلاة في غير هذه السّاعة أفضل، إن رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام - قال: (صلاة الأوابين حين ترمض الفّصال).[١٨] وينتهي وقت صلاة الضحى بالزوال .[١٩]
يقول الكاساني: (ولو قال ليأتينه ضحوة فهو من بعد طلوع الشّمس من السّاعة التي تحلّ فيها الصّلاة إلى نصف النّهار؛ لأنّ هذا وقت صلاة الضّحى).[٢٠]
المراجع
المقالات المتعلقة بما ثواب صلاة الضحى